الثلاثاء، 8 مارس 2011

اللهجات المحلية




من شأن هذا البحث أن يسد جانباً مهماً في البحوث التي تعد حول اللهجات في منطقة الخليج، خصوصاً إذا ما عرفنا أن هناك اهتماماً كبيراً في دراسة اللغات ـ واللهجات جزءاً منها ـ وما تنطوي عليه العملية من كشف عن جوانب من شخصية السكان. وتبقى القطيف بمنأى عن تفكير كثير من الباحثين المختصين بهذا الحقل. هناك دراسات أعدت عن اللهجات البدوية مجملاً، وعن لهجة أهل نجد والحجاز وقطر والبحرين والكويت وعُمان، إضافة الى لهجات القبائل والمناطق وغيرها. ورغم أن القطيف لا تبتعد كثيراً في لهجتها عن اللهجات العربية والخليجية على وجه الخصوص، إلا أنها لم تنل اهتماماً كافياً.



وفي المجمل فأن من شأن مثل هذه الدراسات ـ وعلى عكس ما يعتقد البعض من أنها يمكن أن تضعف الإهتمام باللغة العربية ـ تقوية الإهتمام باللغة العربية

والإرتباط بها كما سيتضح لنا، حيث تكشف الدراسات الأصيل والأجنبي من الكلمات في لهجة السكان.
إن البحوث في مجال اللهجات يمكن أن تفتح لنا الكثير من الآفاق حول الظواهر اللغوية، وكذا الصراعات اللغوية، إضافة إلى أن هناك جانباً مهماً يرتبط بحياتنا الاجتماعية، وهو دلائل الظواهر اللغوية وتأثيرها في حياتنا بالسلب والإيجاب، وهو موضوع مهم يكرس له فرع مهم من فروع علم الاجتماع وهو «علم الاجتماع اللغوي».
عوامل تأثرت بها اللهجة القطيفية
أ - نمط الحياة الزراعية في المجتمع القطيفي :إلى وقت قريب كان المجتمع القطيفي شديد الإنكباب على الجانب الزراعي، ولم يفتر هذا الإنكباب إلا في فترة حديثة، يمكن أن نرصد بدايتها منذ بدأت شركة أرامكو بالعمل في المنطقة واجتذابها للأيدي العاملة، فقد أخرج العمل في مجال النفط، العديد من أفراد المنطقة من العزلة القروية، ودفعهم الى الإحتكاك بأفراد آخرين، سواء من المحيط المحلي، أو الخارجي، وقد كان لذلك الإحتكاك كبير الأثر في إدخال العديد من المفردات للهجة المحلية القطيفية، كما حوّر بعضاً منها، وغيّر بقدر غير قليل النغمة في نطق الكلمات.

من طبيعة المجتمع الزراعي المستقر: السكون، وقد كانت قرى القطيف والأحساء راكدة الحراك، قليلة التداخل مع بعضها البعض، فضلاً عن تواصلها مع السكان من خارجها، كالقبائل وغيرها. وكان للتواصل الضيّق مع أفراد القبائل البدوية التي كانت محيطة بالبلدات الشرقية المستقرة، أثرٌ محدود على لهجات سكان القرى، ولكن تأثيراً غير قليل قد طرأ على الشريحة التي تتعاطى التجارة ـ وهي شريحة صغيرة ـ والتي عادة ما تقطن المدن الرئيسية، كالقطيف نفسها، والهفوف. ويمكن ملاحظة حقيقة أن اللهجة القطيفية قد تأثرت أكثر ما تأثرت باللهجة البدوية، أو لنقل لهجات القبائل المحيطة بالمنطقة والتي تعيش على ضفاف الواحات، وذلك بسبب التعاطي المحدود بين الداخل الصحراوي والحضر، والذي يقوم في مجمله على مبادلات تجارية في أوقات معيّنة من السنة.

إن المجتمعات المستقرة وغير المتواصلة مع المحيط الخارجي، لا تتعرّض لهجاتها الى التغيير والتطور، بعكس التجمعات السكانية التي تعتمد حياة التنقل والترحال، كما في البادية.
ب - الهجرات وأثرها في تمازج اللهجات :تبعاً للرأي القائل بأن العرب هم أصل للعرق السامي ومن أرومتهم تفرعت الأقوام الأخرى وتشعبت قبائلها[1] . فإن أول من استوطن المنطقة ــ موضع البحث ــ هم الكنعانيون وهم أقوام عربية سامية، قدموا من أواسط شبه الجزيرة العربية نتيجة لتقلبات جيولوجية حدثت في الألف الثالث قبل الميلاد. وربما كانت تلك التقلبات، هي ما أطلق عليها بعض المؤرخين (الطوفان) [2] .

إن منطقة القطيف ضاربة الجذور في التاريخ، وكان للهجرات المتعددة اليها على مرّ القرون، أثرٌ في تكوين اللهجة القطيفية وتطويرها أيضاً. في الفترة القديمة وبعد هجرة الكنعانيين الى المنطقة جاء العمالقة، وبعدهم الفينيقيون الذين يعتقد أنهم استوطنوا جزيرة تاروت، التي تطرح آثارها ـ كما يقول محمد سعيد المسلم ـ أسئلة مهمة عن مدى العلاقة بين المنطقة والمناطق الأخرى [3] .

وفي الواقع "فإن الموقع الجغرافي للخليج العربي بحكم كونه ممراً عالمياً في الأزمنة الغابرة وهمزة وصل بين الشرق والغرب، كان مطمعاً للحضارات القديمة، وملتقى لجميع الأمم والأجناس" [4] ، ويتضح ذلك من الآثار التي اكتشفت في المنطقة الشرقية في الفترة الأخيرة، ثم تتالت الهجرات إلى الخليج حتى وصل الأمر إلى اليونانيين ومن بعدهم من البطالة والدومات. ونود هنا أن نذكر أن المنطقة في ذلك الوقت كانت عامل جذب لذلك قصدها من قصدها وقد لا تكون المصادر التاريخية قد رصدت الفئات الصغيرة التي زحفت واستوطنت في المنطقة، يوم كانت تضج بالنشاط التجاري، وهي فئات مجهولة اللهجة وربما اللغة. على ان هناك فئات بشرية غير عربية استوطنت المنطقة الشرقية، قد يكون لها أثرٌ في صناعة اللهجة القطيفية.

وبمجيء قبيلة عبد القيس واستيطانها المنطقة، والإستحواذ على خيراتها، ومن ثمّ حكمها، تتغلّب العناصر العربيّة على ما عداها، ويتقلّص الدور للعناصر غير العربية وتأثيرها، وإن بقيت تلك العناصر الى حين اندثارها.
جـ - العلاقات بدول  الجوار:
للعلاقة بدول الجوار أثرٌ في تشكيل اللهجة القطيفية، ويمكن إلحاق إمارات الخليج بلهجات البدو، كون العناصر القاطنة فيها وكذا حكامها ينتمون الى قبائل عربية متقاربة اللهجة. ومع أن العلاقة بين القطيف وامارات الخليج لم تكن قويّة بما فيه الكفاية، إلا أننا نلحظ تقارباً في اللهجة أكثر ما يكون مع البحرين، بحكم الصلات الوطيدة معها، تجارياً وعائلياً، وبحكم الهجرات الغادية والآتية من كلا البلدين (البحرين والقطيف).

كما أن القطيف تأثرت باللهجة العراقية، وكذلك بالعادات العراقية، بحكم التواصل الديني معها، حيث كان الكثيرون يفدون الى العراق للإقامة فيها فترات زمنية غير قصيرة إما للدراسة الدينية أو لزيارة الأماكن الدينية، وعادة ما تتسم تلك الزيارات بكثرة العدد والتواصل على مر السنين، فكان لذلك أثره في اللهجة القطيفية.

وقد يكون للثقافة الفارسية أثرٌ في اللهجة الخليجية عموماً، سواء في الكويت أو البحرين أو أمارات الخليج الأخرى، وقد كان ذلك الأثر مرهوناً للنشاط السياسي والعسكري للدولة الفارسية، خاصة في فترة الصراع البرتغالي الصفوي، وما تبعه من استيلاء الصفويين على البحرين، ونزوح جماعات سكانية ــ بعضها ذات أصول عربية ــ من شاطيء الخليج الشرقي.

فبحكم الجماعات الوافدة من الشاطيء الشرقي التي هي أيضاً متأثرة باللغة الفارسية، ولوجود نشاط تجاري متبادل، كان هناك تأثير على اللهجة الخليجية عموماً، نلحظ ذلك في المفردات الفارسية التي دخلت اللهجة المحلية، وكذلك في مسميات الأشياء، وفي كتابة الأرقام (4، 6).

ولليمن ولهجته أثرٌ في اللهجة القطيفية، فالقبائل النازحة الى مناطق الشرق ومنذ فجر التاريخ، كانت في المجمل تأتي من اليمن أو من مناطق قريبة منها كتهامة. فضلاً عن أن عوائل نزحت مباشرة من اليمن (مثال ذلك: عائلة السنان المعروفة في القطيف). وهنا نلحظ تشابهاً في مخارج الحروف واستعمالاتها وإبدالها في اليمن كما في القطيف، مثل إبدال (أل) التعريف بـ (أم) كما سيأتي ذكرها عند ذكر أصوات الحروف واستخداماتها في المنطقة.
د - التجارة وأثرها على اللهجة: كانت القطيف مشهورة بالتجارة في سالف الزمن حتى أن أحد المؤرخين يقول بأن كرم أهل هذه المنطقة كالبحر، من كثرة الخيرات التي كانت لديها، وقد تمتعت بشهرة عالمية قديماً حيث تمتع الفينيقيون الذين قطنوا المنطقة بشهرة تجارية ومن بعدهم الجرهائيون الذين كانت لهم ـ كما يقول المسلم ـ (أساطيل ضخمة تنقل بضائعهم عبر الخليج إلى وادي الرافدين، وقوافل منظمة تضرب فيافي الصحراء إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، حتى أصبحت مدينتهم الجرهاء مضرب المثل في الثروة والرخاء، وحاز أهلها شهرة عظيمة في الغنى والترف، حتى بلغ من أمرهم - كما يصفهم استرابون - انهم يزينون منازلهم بالعاج والفضة والحجارة الكريمة، وسقوف أبنيتهم وأبواب غرفهم بالذهب والأحجار النفيسة) [5] .

أما في عصر ما قبل الإسلام وصدره، فقد مارس أبناء عبد القيس التجارة بأفضل أحوالها "وكانت لهم أسواق عامة يمارسون فيه التجارة العامة، بشتى أنواعها مثل سوق (المشقر) بهجر" التي كان يفد إليها التجار من أماكن متفرقة يبيعون ويبتاعون، وكانت تميم تشارك عبد القيس في إحياء هذه السوق والإشراف عليها، كما كانت هناك علاقات تجارية تربط بين سكان البحرين وفارس والهند، فكانت الرماح تستورد من الهند فتصنع في البحرين وتباع فيها، وكان المسك يأتي من الهند عن طريق دارين فيباع على سكان البحرين [6] .

لا شك أن منطقة تجارية بهذا الغنى تكون مقصداً للتجار كالهنود والفرس، وموئلاً لطلاب الثروة، ينزح اليها الناس للسكنى، خاصة وأن فيها من الزراعة ما يجعلها مغرية للحضر، ومراعٍ واسعة مغرية للبدو.

من بين ما تأثرت به اللهجة الخليجية من كلمات هندية ما يلي: سامان (أدوات العمل) ـ جوتي (حذاء) ـ بياله (كوب شاي) ـ كرفاية (سرير) ـ سيده (مستقيم). وفي الفترة القريبة، جاء النفط وجاء معه سكان من مناطق مختلفة من الجزيرة العربية، كما قدم لغرض العمل الملايين من البشر من كل أصقاع الدنيا، بلغاتهم المتعددة، وعاداتهم وطباعهم، فأثروا في اللهجة المحلية كثيراً.
هـ - النظام السياسي وأثره على اللهجة:
يذكر علماء اللغة إن النظام السياسي الذي يحكم المنطقة يمكن أن يؤثر في اللغة واللهجة، خصوصاً إذا كان الموضوع مرتبطاً بالصراع اللغوي، فالقوى الغالبة تصبح لغتها هي السائدة، وكذلك اللهجة، وقد تأثرت منطقة القطيف بفعل التقلبات السياسية، فقد حُكمت من قبل الفرس بصورة غير مباشرة، وحكمت أجزاءٌ منها من قبل البرتغاليين، وحُكمت من قبل العثمانيين فأضافوا الى لهجة السكان ولغتهم، مفردات جديدة، وحكمت من قبل البادية فتأثرت بهم. لكن ما حدّ من تأثير القوى الغالبة على الأكثرية السكانية التي تعيش في القرى، أن هذه الأخيرة كانت منغلقة على نفسها، وأن القوى المسيطرة (الأجنبية منها) لم تسعَ الى فرض لغتها، بمن فيهم العثمانيون الذين اتبعوا سياسة (التتريك) في أيامهم الأخيرة في مناطق أخرى من العالم العربي.

من الكلمات القليلة التي تبقّت واستخدمت وذات جذور تركية ما يلي: تفك (بندقية) ـ تتن (تبغ) ـ أوتي (مكواة) ـ تاوه أو تاوا (صفيحة معدنية لعمل الخبز) ـ شينكو (تنك).
و - الجانب المذهبي وأثره على اللهجة:
أشرنا الى هذا الجانب في حديثنا عن العراق وتأثيره على لهجة السكان الذين هم من (الشيعة) منذ فجر التاريخ. كان من البديهي أن تتوجّه الأنظار للحواضر الشيعية القريبة (العراق وايران) غير أن عامل اللغة، كان حاجزاً في التأثر بالفارسية، وقد بقي محدوداً حتى يومنا هذا.

من بين ما يتداول من كلمات فارسية على صعيد منطقة الخليج: خوش (حسن/ جيد) ـ دريشة (نافذة) ـ دروازة (بوابة) ـ روزنة (مكان في الحائط كالحفرة يستخدم كرف ـ سيم (سلك) ـ سيخ (يستخدم في شواء اللحم وغيره ـ غوري (اناء صنع الشاي) ـ قفشة (ملعقة) ـ دوشق (فراش).

وينبغي ملاحظة أن الثقافة الفارسية متأثرة باللغة العربية بشكل كبير للغاية، أما تأثيرها في اللغة العربية حتى في لغة السكان القريبين منها فجدّ محدود.

أما وضع العراق فمختلف، فهو عربي، وكان مركز الثقل الديني للتشيع لقرون عديدة، فكان طلاب العلم يأمونه، فمنه يتخرج العلماء من الحوزات الدينية، وبأهله يتواصلون، وبعاداته يتأثرون. وقد اصطبغت اللهجة القطيفية ـ خاصة بين سلك العلماء ـ بالعديد من الكلمات العراقية، وأصبحت لغة الخطاب الديني في المواليد والعزاء عراقية.
الكلمات المشتركة في اللهجة القطيفية والعراقية
في اللهجة العراقية في اللهجة القطيفية في اللغة العربية
اللزكه

جاي

الصاية

الملا

الجندة

عتيج

قيمر

نرجيلة

فانوس
 
اللزكه

جاي

الصاية

الملا

الجنطة

عتيق ـ عتيج

قيمر ـ قشطة

نارجيلة

فانوص ـ فانوس
 
اللصقة

شاي

الثوب به فروج

الخطيب

الحقيبة

قديم

قشطة

ــ

مصباح
 
 (التحدير، التنبيت، الصرام، الترويس، الجناز.. الخ)، وما يتعلق بصناعة النخيل مثل: وفي العراق يقال باذنجان (أسود) وطماطه (حمره).. وهذا التصريف يستخدم في المنطقة، ويقول العراقي (الصحن) ويقصد به الإناء الذي يقدم فيه الطعام، ويمكن أن يقصد به باحات المساجد، مثل صحن الإمام الحسين أو صحن العباس ، وكذلك ابن المنطقة يستخدم هذه الكلمات بمعانيها، وقد يستخدم الصحن تعبيراً عن باحة المنزل (صحن البيت) ولكنه يستخدم الحوش اكثر من الصحن، وكذلك العراقي يمكن أن يستخدم الحوش في كلامه عن البيت. ولا يمكن أن يستخدم العراقي منها لها وهناك كلمات أخرى ولكن للتدليل على المسألة اكتفينا بما أوردناه [7]  .
ز - تعاقب الأزمان وتغير الأحوال الاقتصادية والثقافية:
وهذا الأمر غاية في الأهمية، فتغير حالات السكان من الفقر إلى الغنى، أو من الزراعة وغوص البحر إلى العمل في الشركات، ومن المستويات الثقافية المتدنية بسبب عدم توافر التعليم إلى مستويات عالية من الثقافة، يغير من صورة اللهجة. تختلف اللهجة الدارجة اليوم كثيراً عن صورتها أيام آبائنا وأجدادنا، حيث اختفت الكثير من الكلمات والمصطلحات التي أصبحت غير مستساغة فقلّ تداولها نتيجة لضمور أصولها، وكذلك نتيجة ضعف استخداماتها، مثل الكلمات المستخدمة أيام الغوص لصيد اللؤلؤ مثل: الغبّة: لجّة البحر، يتنوخذ: يبرز نفسه كرئيس، الحنيج: العنيد، دوّك الهوا: هدأ وسكن، بخت: حظ، المغلقة: سكين معقوفه تفتح بها صدف المحار[8] ، وكذلك كلمات: السيب، والغيص، والرديف، والنهام، والعزال، وتباب، والفطام. أو مثل الكلمات المرتبطة بزراعة وتشذيب التخيل التي تقلّص استخدامها، ولم يعد يعرفها الجيل الجديد مثل: الزبيل، السرّود، العسو، والمنزّ، والقفعة، والمرحلة وغيرها.

كلما تطور الجيل وتعلم، وتطورت حياته الإقتصادية وارتبطت بسبل أخرى، تخلّى عن الكلمات القديمة، لصالح كلمات جديدة تمثل مستواه التعليمي وأسلوبه في الحياة العصرية. قليل من الناس من الجيل القديم يستخدم كلمة مثل: زتِّتْ وتعني عجِّلْ. أو: هوِّد على الولد وتعني اربت عليه بلطف لكي ينام، وكلمة فنر: وتعني الفانوس أو ما يقاربه.

تأثرت الأجيال الحالية، بالكلمات الإنجليزية نتيجة التعامل بها في شركة النفط، واختلاطهم بالأجانب، الذين أدخلوا مصنعات غربية لم يعرف الناس أسماءها إلا من خلالهم، فبقيت تلك الأسماء الإنجليزية نفسها، مثل: غلاس، أو غلاص، وتعني الكأس، أو كلمة ليت ولمبة وتعني المصباح، أو حفيز (وتعني المكتب/ أوفيس) أو باص، وبروش، وفريم، وليسن (رخصة السواقة)، وتنديل، ولف (حنفية)، سترول (سويت رول)، كنديشن، بطل (زجاجة)، صندوق تجوري ( treasure  chest).

ومع كل المؤثرات على اللهجة الخليجية عامة، والقطيفية خاصة، بقيت هذه اللهجة في أمان كبير من الانحراف اللغوي، وهي أقرب إلى النطق العربي الفصيح من غيرها، وسيتبين لنا ذلك من خلال المرور على أصوات الحروف العربية وكيفية نطقها في منطقة القطيف.
جدول يبين وصف الأصوات اللغوية مرتبه حسب مخارجها
صوت الوصف
ب

ت

د

ط

ض

ك

ق

ء

م

ن

ل

ر

ف

ث

ذ

ظ

س

ج

ص

ز

ش

خ

غ

ح

ع

هـ

و

ي
 
صامت مجهور شفوي انفجاري

صامت مهموس سني انفجاري

صامت مجهور سني انفجاري

صامت مهموس سني (مفخم) انفجاري

صامت مهموس سني (مفخم) انفجاري

صامت مهموس حنكي قصي انفجاري

صامت مهموس لهوي

صامت حنجري انفجاري (غيرمهموس،غير مجهور)

صامت مجهور شفوي أغن

صامت مجهور سني أغن

صوت لثوي جانبي مجهور

لثوي مجهور مكرر

صامت مهموس شفوي سني احتكاكي

صامت مهموس بين اسناني احتكاكي

صامت مجهور بين اسناني احتكاكي

صامت مجهور بين اسناني احتكاكي (مفخم)

صامت مهموس لثوي احتكاكي (مفخم)

صامت مهموس لهوي احتكاكي

صامت مهموس لهوي احتكاكي (مفخم)

صامت مجهور لثوي احتكاكي

صامت مهموس لثوي ــ حنكي احتكاكي

صامت مهموس حنكي ــ قصي احتكاكي

صامت مجهور حنكي ــ قصي احتكاكي

صامت مهموس حلقي احتكاكي

صامت مجهور حلقي احتكاكي

صامت مجهور حنجري احتكاكي

شبه صائت مجهور شفوي حنكي قصي

شبه صائت مجهور مكسور (= غير مضموم) حنكي وسيط
 
 التعريف بالمصطلحات: 
(1) الصوت المجهور: هو الصوت الذي تحدث عند إصداره ذبذبات في الوترين الصوتيين.
(2) الصوت المهموس: هو الصوت الذي لا تحدث أثناء صدوره ذبذبات في الأوتار الصوتية، أي أنه عكس المجهور.
(3) الصوت الانفجاري: هو الصوت الذي يخرج معه هواء الرئتين (أو النفس) فجأة بعد انحباسه عند نقطة المخرج.
(4) الصوت الاحتكاكي: هو الصوت الذي يحدث عند صدوره احتكاك مسموع عند نقطة المخرج بسبب ضيق مجرى الهواء فيه.
(5) الصوت المركب: ويسمى بالصوت (الإنفكاكي) للاختصار. وهو صوت مركب ينحبس فيه النفس عند نقطة المخرج، ثم بدلاً من اندفاع الهواء فجأة يتم انفصال أعضاء النطق عند المخرج تدريجياً، بحيث يصدر عن ذلك احتكاك مسموع.
 رموز الأصوات الممزوجة: 
J /  جـ ـ وهو صوت لثوي مزجي متحول عن الحرف (ك) وخاصة عند مجاورة أصوات اللين الأمامية، نحو سمك فتنطق (سمج).
G/ ك ـ وهو صوت مزجي متحول عن (ق) وهو ما بين الكاف والقاف نحو قفل تنطق كفل.
G /  ك ـ وهو صوت طبقي شديد مجهور يوافق الجيم المصرية.
 نطق الأصوات
 
(1) صوت الباء (ب): صامت مجهور شفوي انفجاري، مثل: باب - بركه - شباب. وتنطق في اللهجة القطيفية النطق الشائع.
(2) صوت التاء (ت): صوت صامت مهموس سني انفجاري، مثل تاروت - تابوت - توفيق. وتنطق في اللهجة القطيفية النطق الشائع.
(3) صوت الدال (د): صامت مجهور سني انفجاري. مثل: دانية - ديك - أمجد، وتنطق في اللهجة القطيفية بصوت الدال المهملة.
(4) صوت الطاء (ط): صوت صامت مهموس سني (مفخم) انفجاري، مثل: طارق، طيور، رطب، وتنطق في اللهجة القطيفية النطق الشائع.
(5) صوت الضاد (ض): صامت مجهور سني (مفخم) انفجاري، مثل: ضيف - بضاعة - مريض. وتنطق في اللهجة القطيفية دالاً مفخمة، كما هي في كثير من اللهجات العربية الحديثة، وهو الشكل الذي تحولت إليه الضاد حديثاً، بعد أن مرت بأطوار تاريخية حتى وصلت إلى ما هي عليه في لهجتنا الحديثة. وهناك من يقول أن الضاد القديمة كانت قريبة المخرج من الصاد، والعلاقة بينهما الأطباق، وروى السيوطي قول العرب (بعير صباصب [ضباضبا]) و (متضامن) مثل الامتصاص. وجاء في اللسان من أن (الحضب لغة في الحصب، وعليه قرأ ابن عباس حصب جهنم " منقوطة " قال القراء: يريد الحصب) [9] .
وهناك من يقول أن الضاد القديمة كانت قريبة من الطاء، وقد اجمع الرواة على أن الطاء صوت مجهور، أي أنها تشبه الضاد الحديثة، فيكون الإبدال قد حدث بين الصاد والضاد.

أما اللهجة الحديثة فقد فرقت بين الضاد وبين سائر حروف الإطباق كالظاء وغيرها، ولا يزال هذا الفرق واضحاً في اللغة العربية النموذجية التي يتكلم بها الخاصة، ولكن الخلط بين الضاد والظاد قد انتشر وذاع صيته في العصور المتأخرة.
(6) صوت الكاف (ك): صامت مهموس حنكي قص انفجاري، مثل: كبير - كريم - أخوك. ويلاحظ في لهجة أهل القطيف أشكال مختلفة لنطق الكاف:
1- نطق الكاف النطق الفصيح كما هو في اللغة الفصحى.
2- قلب الكاف إلى صوت قريب من صوت الشين والجيم، ويرمز له بالرمز (جـ) أي صوت مركب مهموس ( J). وهي ظاهرة صوتية منتشرة بكثرة بين أهالي منطقة القطيف وهي تشبه إلى حد بعيد ( CH) ويعتقد أن هذا الحرف ذو أصول فارسية، فيقال (سمج، ديج، باجر، جلب، سجين) بمعنى (سمك، ديك، باكر، كلب، سكين) ولذلك قال الشاعر الشعبي المرحوم عيسى بن محسن:
ما لوم أنا الدهر لو جر سجاجينه (سكاكينه)
والهم بهواك ما ونّت سجاجينه
محمل غرامي وشل وانحطت سجاجينه
أصفيت محتار محد نظرني وعظ
والنصح ما جاب في قلب الميتم وعظ
مثل الجمل لو طاح كثرت سجاجينه [10] 
وتقول الأمثلة الشعبية:
" جنه (كأنه) جمل هايج".
" جنه سوسه عميا" [11] 
وفي الخليج العربي:
" جنهم حراسين مقدّر عنهم الما"[12]   ، بمعنى (كأنهم سمك صغير نفذ الماء عنهم).
3 ـ قلب كاف المخاطبة إلى شين: وهي ما تعرف قديماً بظاهرة الكشكشة، وهي ظاهرة منتشرة بشكل كبير بين أهالي منطقة القطيف عدا القليل النادر من الطبقة المتعلمة منهم، يقولون: (أبوش، أخوش، جدش، قلمش) بمعنى: (أبوكِ، أخوكِ، جدكِ، قلمكِ).
وهذه الظاهرة كانت منتشرة عند العرب، يقول سيبويه: (فأما ناس كثير من (تميم) وناس من (أسد) فإنهم يجعلون مكان الكاف للمؤنث الشين، وذلك انهم أرادوا البيان في الوقف لأنها ساكنة، فأرادوا أن يفصلوا بين المذكر والمؤنث، وأرادوا التحقيق والتوكيد في الفصل لأنهم إذا فصلوا بين المذكر والمؤنث بحرف كان أقوى، من أن يفصلوا بحركة، فأرادوا أن يفصلوا بين المذكر والمؤنث بهذا الحرف) [13]   وقد ورد في كلام العرب قول الشاعر:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها •  سوى أن عظم الساق منش رقيق
بمعنى:
فعيناكِ عيناها وجيدكِ جيدها •  سوى ان عظم الساق منكِ رقيق [14]

وهذه طريقة نطق موجودة في لهجة الكويت وقطر والبحرين والعراق. ويقر الباحث اللغوي الدكتور عبد العزيز مطر بوجود الكشكشة في هذه البلدان، ويتوقف طويلاً أمام صورتها لدى الشيعة في البحرين، باعتبار انهم أكثر استخداماً لها من بقية أبناء الخليج فيقول:
(حدثني الشيخ سليمان المدني من جد حفص، والشيخ محمد صالح بن الشيخ محسن من الكورة، أن الشين في خطاب المؤنثة إلى جانب شيوعها في لهجات مناطق معينة في البحرين، تشيع أيضاً في القطيف والأحساء في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية) [15] . وهذه الكشكشة موجودة في اليمن، ومنها قول الشاعر الشعبي:
طالب العمر مائتي سنة بعد اهواش
بعدها الموت لاضلاعنا، لاخلاقنا ولا اوحاش
يا دنيا ترى انت حظ من كان يهواش
يعشقوش قلال الدين، واهل التقى أعداش
يعلم الله لمن ذى قد دعيته وما خاش
والله اليوم ما تسوى لمن يعرف أو ناس [16] 
(7) صوت القاف (ق): صوت صامت مهموس لهوي، مثل: سوق، قبيلة، قارب. ويلاحظ في لهجة أهل القطيف أشكال مختلفة لنطق القاف:
(1) نطق القاف النطق الفصيح.
(2) قلب القاف إلى ( g) (17) ( قاف بدوية، مع أن أهل القطيف حضر مما يشير إلى أصول بعضهم البدوية، والى تأثرهم بمحيط ديرتهم الذي تقطنه البادية). وظاهرة قلب القاف هذه، منتشرة بين أهالي منطقة القطيف بصورة كبيرة فيقولون: (كفل، شوك، كلم) بمعنى (قفل، سوق، قلم) وهي لغة أهل تميم، ومنه قول الشاعر:
ولا اكول لكدر الكوم كد رحلوا
 ولا اكول لباب الدار مكفول
بمعنى:
ولا أقول لقدر القوم قد رحلوا
 ولا اقول لباب الدار مقفول
وفي هذا يقول الشاعر الشعبي عيسى بن محسن:
يا خوي أنا مبتلي والكلب شارب قهر
ضيم ومذلة وهضم والله معيشة قهر
ما تم بي يوم غير الكلب شارب قهر
اعوذ بالله دنيا اشلون تاليها [18] 
والملاحظ أن الشاعر قلب القاف التي تأتي  بعد أل التعريف، ولم يقلب ألقاب التي تأتي في أول الكلمة، وذلك حسب ما قاله بعض الرواة، وكتبوا سماعياً.

(3) قلب القاف كافاً كما في قول أهل بعض القرى: كول ليهم بدل (قل لهم) وكان هذا النطق منتشراً في بعض قرى (المحيط) وهي الآن في طريقها إلى الانقراض.. وهذا النطق مستخدم في فلسطين وجنوب لبنان.

(4) قلب القاف غين: وهي ظاهرة صوتية منتشرة بين أوساط أهالي مدينة سيهات وبعض أهالي دارين والزور وعنك فيقولون: (الغرآن الكريم)، (غال الرسول الكريم)، و(النغل الجماعي). بمعنى (القرآن الكريم، قال الرسول الكريم، والنقل الجماعي). وهذه موجودة عربياً في السودان، والكويت، وقطر، وغربي الصحراء الجزائرية.. ذلك لأن مخرج صوت القاف قريب من مخرج الغين، إلا أن صوت الغين احتكاكي مجهور، والقاف انفجاري مهموس، وهذه الظاهرة تقترب من الزوال في مناطق القطيف.
(8) صوت الهمزة (ء): صوت صامت حنجري انفجاري غير مهموس وغير مجهور مثل: (أب، أخ، كأس، لؤلؤ، جائزة) وهناك أشكال مختلفة في نطق الهمزة في القطيف:
1-  نطق الهمزة كما في اللغة الفصحى.
2- إبدال الهمزة من جنس ما قبلها (الهمزة بين بين) ويقول الدكتور إبراهيم كايد ( E): (إن هذا الإبدال يسمى تسهيل الهمز) ومن أنواعه:
أ- قلب الهمزة إلى ألف ساكنة، إذا كان ما قبلها مفتوحا، نحو (راس، ، فاس، كاس) بمعنى (رأس، فأس، كأس).
ب- قلب الهمزة إلى ياء ساكنة، وذلك إذا كان ما قبلها مكسوراً وألفاً نحو (ذيب، بير، جايزة، ماي) بمعنى (ذئب، بئر، جائزة، ماء). يقول ابن جني في هذا الصدد (كل همزة ساكنة انكسر ما قبلها وأردت تحقيقها قلبتها ياء خالصة) [19] .
ج - قلب الهمزة إلى واو، وذلك إذا كانت ساكنة وما قبلها مضموم نحو: (لوم، شوم، لولو) بمعنى (لؤم، شؤم، لؤلؤ). ويعلق ابن جني على ذلك بقوله: (أن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها ضمة، فمتى أثرت التخفيف اقلبها واواً) [20] . ويعلق على هذه الفقرة السيد عدنان العوامي ( EE) بقوله: (إن معظم الناطقين باللغة العربية ينطقونها مقلوبة إلى واو، فلا أحد ينطقها مشددة (لؤلؤ) وإنما (لولو).
3 - قصر الممدود ونطق الألف والهمزة بعدها اقرب إلى الهاء نحو (سمة، دوه، بنه) بمعنى (سماء، دواء، بناء)، بينما يرى السيد عدنان العوامي بأن قصر الممدود يتم بحذف الهمزة مثل (سما، دوا، بنا) مكان (سماء، دواء، بناء) وهو الأقرب للصحة.
4 - تبدل الهمزة ياءً لغير علة طلباً لتخفيف نحو (توضيت، بديت، قريت) بمعنى (توضأت، بدأت، قرأت) [21] .
(9) صوت الهاء (هـ): مهموس حنجري احتكاكي مثل (هدى، مهدي، خالده). وينطق أهل القطيف الهاء النطق الشائع، وفي بعض الأحيان هناك بعض التغييرات يجريها السكان على أسماء الإشارة كأن يقال: هاذول وذولاك في اولئك - وذوك وذوكا وذيك في ذلك، وذيه، وهادي، هادا في هذا وهذه وغيره، مما يمكن أن نشير إليه في التغيرات العامة في الأسماء الموصولة والإشارة والاستفهام.
(10) صوت الميم (م): صامت مجهور شفوى (= شفتاني) أغن، مثل: مريم، مقداد، مداد، وتنطق الميم في اللهجة القطيفية النطق الشائع.
(11) صوت النون (ن): صامت مجهور سني أغن، مثل: نديم، أنوال، سلمان، وتنطق في لهجة أهل القطيف النطق الشائع. يلاحظ أن نسبة كبيرة من أهالي القطيف لا يدغمون النون الساكنه مع الأصوات الأخرى في قراءتهم العادية، لكنهم يدغمونها في قراءتهم للقرآن الكريم.
(12) صوت اللام (ل): صوت لثوي جانبي مجهور. لاحظ نحاة العرب أن المتكلمين العرب يستخدمون نوعين من اللام، اللام المفخمة، واللام المرققة. والمثال في الأولى (الله) وفي الثانية (لك)، وكذلك اللام في اللغة الإنكليزية مثل DARK  L اللام المعتمه (القاتمه) واللام المرققة ( CLEAR  L). والفارق بين اللامين بالدنين، ففي المرققه يرتفع وسط اللسان تجاه الحنك الصلب (وسط الحنك)، أما المفخمة فيرتفع أقصى اللسان نحو (الحنك اللين) مثل: لندن، الله، فلاح.

وينطق أهل القطيف اللام كما هي في النطق الشائع سواء أكانت مرققة أو غليظة، ويلاحظ أن صوت اللام يقلب إلى صوت الراء في كلمة (بنطلون) فتنطق (بنطرون) [22] ، ويرجع ذلك إلى تقارب صوت اللام من صوت الراء في المخرج والصفة، وكلاهما صوت لثوي مجهور، إلا أن صوت اللام جانبي.

وقلب اللام الى راء موجود مثيله في كلام العرب، مثل قولهم: طلمساء وطرمساء للظلمة، ويقال سهم املط وامرط إذا لم يكن له ريش وقد تخلط وتمرط [23] .
(13) صوت الراء العربي (ر): صامت مجهور لثوي مكرر، مثل: رجل - ربابة - مطر - سقر، مع فارق بسيط مع الراء الفرنسية ( R) التي هي صامت مجهور لهوي مكرر. وتنطق الراء في لهجة أهل القطيف النطق الشائع.
(14) صوت الفاء (ف): صامت مهموس شفوي سني احتكاكي، مثل: سفر، فرس، ملف. وفي لهجة أهل القطيف تنطق الفاء النطق الشائع.
(15) صوت الثاء (ث): صامت مهموس بين أسناني احتكاكي، مثل: ثناء - ثوب - ثلاثة، ويلاحظ أن هناك عدة أشكال للنطق بهذا الحرف في القطيف:

أ - النطق الشائع، ويعتمدها في الأكثر المتعلمون والمثقفون والشعراء والخطباء وعلماء الدين.
ب - قلب الثاء إلى فاء، وهو موجود بكثرة عند أهالي المنطقة، فيقولون: (فلافه، فوب، فلاجه). وليست كل الكلمات تقلب إلى فاء فـ (ثعبان، ثعلب، طالب ثانوي) تنطق كما هي. وتعتبر منطقة القطيف كسائر مناطق الخليج من المناطق التي حافظت على اخراج الثاء من مخارجها الصحيحة، مع بقية الاصوات الاسنانية (أو بين الاسنانية) والتي يتصل طرف اللسان فيها بأطراف الثنايا العليا والسفلى مثل صوت الذال والظاء [24] . وصفات هذه الأحرف القادمة من اللغة العربية الفصحى هي: الهمس والرخاوة والانفتاح في الثاء، والجهر والانفتاح في الذال، والجهر والرخاوة والاطباق في الظاء، ومثلها صوت الضاد.
ونرى تغير مخارج هذه الأحرف وصفاتها في لهجات عربية كثيرة، حيث تنطق الثاء: تاءً أو سيناً، وتنطق الذال: دالاً أو زاياً، وتنطق الظاء ضاداً أو زايا مفخمة[25] .

ويعلق الدكتور عبد العزيز مطر على هذه الظاهرة بقوله: يتبين لنا أن كل (ثاء) في العربية تنطق (فاءً) في منطقة متميزة، على غير ما عهدنا في اللهجات التي تغير فيها صوت الثاء إلى تاء أو سين [26] . وقلب الثاء فاءً يتحدث بها السكان بشكل اعتيادي كوارثه من السلف إلى الخلف، ولكن سرعان ما يتخلى عنها الفرد اذا ما أوغل في المراحل التعليمية، واختلط مع مجتمعات اخرى، وهذه الظاهرة قديمة تعود إلى لهجة أهل الحجاز في طائفة من الالفاظ، فيقال في الحجاز (تلفم) تلفما ولفاماً، مقابل (تلثم).[27] .

ويقول ابن جني: ان العرب تقول في العطف: قام زيد فم عمرو، وكذلك قولهم: جدف وجدث [28] .

ويقول ابن السكيت في ابداله في تفسير هذه الظاهرة، ان الحرفين الثاء والفاء (مهموسان رخوان لذا لا يعسر تبادلهما) [29] . ولا فرق (عند سيبويه) في مخرج الحرفين، غير أن مخرج الثاء مما بين طرف اللسان وأطراف الثنايا، والفاء مجاور له في المخرج - إلا أنه - من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا[30] .

وظاهرة قلب الثاء الى فاء تلاحظ في بعض دول الخليج كالكويت والبحرين، وكذلك في اليمن. ففي الكويت يقولون (فوب، فلف، فلفين) بمعنى (ثوب، ثلث، ثلثين). اما في البحرين فيذكر الباحث المتخصص الدكتور عبد العزيز مطر، إن هذه الظاهرة موجودة في البحرين، وانها احدى خصائص لهجة الشيعة في البحرين [31] ، وانه سمعها اثناء جولة له في قرى: توبلي، جد حفص، جزيرة النبيه صالح والدير.. وغيرها.

ويضيف: (سجلت حديثاً للمواطن البحراني سلمان بن قاسم، وجاء في سياق حديثه عن الشيوخ، اصحاب الارض المحيطه به، اسم (تشيخه فاجبه) هكذا نطقها.. وسألت من كان معي عن هذا الاسم فقيل لي يعني (ثاجبه) [32] . وتابع: (سمعت احدى طالباتي من بلدة سنابس تقول: اش كفر؟ وهي تعني: اش كثر (أي كم)؟ [33] .

ومن الجدير بالإلفات ان أهالي القطيف لا يبدلون كل ثاء إلى فاء، خصوصاً اذا ارتبطت الثاء بالاسماء.

ويذكر المتخصصون بأن منطقتي (المكلا) و (الشحر) في جنوب اليمن ينطقون الثاء فاء، فيقولون: فلافه، وفلافين، وفوم، وتحدف، بدلاً من: ثلاثة، وثلاثين، وثوم، وتحدث [34] . وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها) [35]  (البقرة آية 61).
(16) الذال (ذ): صامت مجهور ما بين اسناني احتكاكي، مثل: ذهب، ذئب، رذيلة. وفي لهجة أهل القطيف لا تنطق الذال ذالاً معجمة، وانما تنطق الذال دالاً مهملة، وهناك ظاهرة لا تزال عند كبار السن، وعند بعض المتعلمين، وهي:
أولاً) تفخيم صوت الذال في كلمتي (تذوق، تذكر) فتنطق بالضاد في جميع التصريفات فيقولون (ضكر، يضكر، تضّكر، تضكراً) بمعنى (ذكر، يذكر، تذكر، تذكراً) وايضاً (تضوق، تضوقاً) بمعنى (تذوق، تذوقاً). وهذا النطق موجود في كل من البحرين والكويت ايضاً.
(17) صوت الظاء (ظ): صامت مجهور بين اسناني احتكاكي (مفخم)، مثل: الظهران، الظهر، نظارة. وأهل القطيف ـ في المجمل ـ لا ينطقون الظاء ظاءاً، انما ينطقونها ضاداً. وفي لهجة تميم، نجد ان الضاد تقابل صوت الظاء في بعض الألفاظ، من ذلك قول الشاعر:
إلى الله أشكو من خليل أوده •  ثلاث خصال كلها لي عائض[36] .

ويقول الفراء: إن أهل الحجاز يقولون: فاظت نفسه، وقضاعة وتميم وقيس تقول: فاضت نفسه [37] .
و في لهجة أهل الشام يقولون (الضهر، ضل، ضليت) بمعنى (الظهر، ظل، ظليت). اما في مصر فقد شاع استخدامهم الزاء مكان الظاء فـ (الزابط، والزهر) تعني (الظابط والظهر).
(18) صوت السين (س): دصامت مهموس لثوي احتكاكي مفخم، مثل: سيارة - أسد - حارس. وينطق أهل القطيف السين كما في اللغة الفصحى. وهناك ظاهرة صوتية منتشرة في انحاء المنطقة وهي قلب السين إلى صاد، وذلك عند مجاورة السين لحرفي الطاء والخاء كـ(صاخن، صخرية) بمعنى (ساخن، سخرية). وقد وجدت هذه الظاهرة اللغوية لدى فرع من تميم حيث يقلبون السين صاداً عند أربعة أحرف: عند الطاء والقاف والغين والخاء، فيقولون: سراط وصراط، وبسطه وبصطه، وسيقل وصيقل [38] . ويقول ابن جنى انه اذا كان بعد السين غين أو خاء أو قاف أو طاء جاز قلبها صاداً [39] .
(19) صوت الصاد ( ص): صامت مهموس لثوي احتكاكي مفخم، مثل: صراط - مصير - محيص. وينطق أهل القطيف صوت الصاد كالنطق الشائع.
(20) صوت الزاي (ز): صامت مجهور لثوي احتكاكي، مثل: زهير - مزهرية - عزيز. وينطق أهل القطيف حرف الزاي النطق الشائع، وقد يأتي مفخماً كما في اللهجة المصرية (ظاهر ZAHIR) و (ضابط ZABIT).
(21) صوف الشين (ش): صامت مهموس لثوي حنكي احتكاكي، مثل: شمس - مشرف - مشمش. وتنطق الشين في القطيف النطق الشائع، ولكنه في بعض اللهجات قد تكون منقلبة أو بديلاً صوتياً للجيم الساكنه كما في (مجتمع ومشتمع).
(22) صوت الخاء (خ): صامت مجهور حنكي قص احتكاكي، مثل: خالد - سخانه - فخ. وينطق أهل القطيف الخاء النطق الشائع.
(23) صوت الغين (غ): صامت مجهور حنكي قص احتكاكي، مثل: غريب - غبار - رابغ، وتنطق عند أهل القطيف النطق لشائع، وقد تكون هذه الغين آتية من أصل القاف كما أسلفنا.
(24) صوت الحاء (ح): صامت مهموس حلقي احتكاكي، مثل: حوت - الرحمن - الفتاح. وينطق أهل القطيف الحاء المهملة شائعة النطق.
(25) صوت العين ( ع): صامت مجهور حلقي احتكاكي، مثل: عنيد - ثعلب - ضبع، وينطق أهل القطيف صوت العين النطق الشائع، الا في كلمة واحده وهي كلمة (أعطى) فان العين تقلب نوناً فتصبح (أنطى) وهي ظاهرة معروفة لدى العرب باستنطاء هذيل، ولا تزال مستخدمة على لسان أهل البحرين والكويت والعراق بشكل اكبر.
(26) صوت الواو (و): شبه صائت مجهور شفوي حنكي قص، مثل: ولد - توحيد - زهور. وتنطق النطق الشائع، وتخفف الهمزة في قولهم: (لولو) بدلاً من (لؤلؤ)، ونجد هذا التخفيف في الاستعمال في البحرين والكويت، وفي أكثر البلدان العربية.
(27) صوت الياء (ي): شبه صائت مجهور مكسور (= غير مضموم) حنكي وسيط (غاري)، مثل: يزيد - معاوية - صيدلية. وتنطق الياء عند أهل القطيف النطق الشائع.
ظواهر صوتية أخرى في لهجة أهل القطيف
أ- هاء السكت بعد ياء المتلكم
زيادة هاء السكت بعد ياء المتكلم في الكلمات: كتابيه، عميه، خاليه، بدلاً من (كتابي، عمي، خالي). وهذه ظاهرة موجودة في بعض مناطق القطيف، وأشهرها شيوعاً في مدينة سيهات، وهذا الاستخدام ليس غريباً اذا ما عرفنا ان القرآن الكريم استخدمه في قوله تعالى: (فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه، اني ظننت أني ملاق حسابيه). وقوله تعالى: (واما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه، ولم أدر ما حسابيه). وقوله تعالى: (ما أغنى عنّي ماليه، هلك عني سلطانيه).
والظاهرة هذه موجودة في البحرين وفي قطر.. إذ يوضح الباحث الدكتور عبد العزيز مطر إنها موجودة بشكل جزئي في دولة قطر، وبالتحديد عند قبيلة المهاندة، وإنها محصورة عند كبار السن [40] .
ب - إبدال (أل) التعريف بـ (أم) التعريف: وهي ظاهرة صوتية آخذة في الانقراض، مع أنها كانت موجودة بشكل شبه عام في جميع قرى وبلدات منطقة القطيف، فيقال مثلاً: (علي ام فخر، وكاظم ام فارس، وصالح ام باقر ) بدل (علي الفخر، وكاظم الفارس، وصالح الباقر). وهذه الطريقة من النطق تستخدم في تهامة، وقد ظهر أن هناك في اليمن من يستخدمها.
ج - تغير التعامل مع الضمائر: فهنا يتعامل أبناء المنطقة بشكل مختلف عن الشائع في الفصحى:
1- أنت: للمخاطب المذكر تنطق كما هي. لكن للمؤنث يتغير الخطاب، فتزاد الياء، أو الياء والنون بدلاً من الكسرة، فيقال (انتي، انتين)، غير أن الأهالي لا يلحقون بالفعل ياءاً ونوناً فيقولون: انتين اسمعتي؟،  انتين نجحتي؟، أو ما نجحتي؟. وذلك بخلاف بسيط مع اللهجة البحرينية التي تضع ياءاً ونوناً: انتين نجحتين، وانتين سافرتين وجيتين؟.
2- أنتما: للمخاطب المثنى، فعادة ما يستخدم أبناء المنطقة صيغة الجمع: انتم للمذكر، أو يقلبون الميم واواً فتصبح: أنتو، وفي أحيان أخرى يقال: انتونا للمخاطبين والمخاطبتين، وانتونا سمعتوا ولا ما سمعتوا؟. أما المؤنث فيقال لهن: انتونا (أو انتونه) سمعتون ولا ما سمعتون؟.
هل جاء ضمير (انتين) من اللغة الآرامية؟.
ويذهب الباحث الدكتور عبد العزيز مطر، الذي تابع هذه الضمائر لدى شيعة البحرين، الى القول: ( قد يكون الضمير انتين من الضمائر الآرمية والسريانية ـ وهي لهجات الآرامية ـ  ولكن الضمير (انتين) فيها لجمع المخاطبات، فيحتمل أنه تطور في لهجة الحارنة، وربما في فترة بعيدة في كل اللغات، ويؤيد ذلك أنني وجدت الضمير نفسه: إنتين، في لهجة محافظة (إب) في اليمن، يستعمل للمثنى المؤنث فقط، فهو مرحلة بين المفرد والجمع، أما الضمير (انتون) فهو في الآرامية والسريانية لجمع الذكور المخاطبين، كما هو في لهجة البحارنة) [41] .

ويضيف المؤلف: (ومما يؤيد انتماء الضميرين: أنتين وأنتون، إلى الآرمية، أن لهجة شيعة البحرين قد خلت أصواتها من الأصوات الأسنانية: الثاء والذال، والظاء، حيث تنطق الأولى: فاءاً والثانية دالاً، والثالثة: ضاداً، كالضاد المصرية، وليس كالضاد الخليجية القريبة جداً من الضاد.. وهذه الأصوات الأسنانية غير موجودة في الآرامية والسريانية.. وقد خلت منها جميع اللهجات المتأثرة بالآرامية والسريانية، كلهجات: سورية، لبنان، فلسطين، ومصر، ما عدا البدو في الصحراء الشرقية، والصحراء الغربية).
د - طريقة نطق أسماء الإشارة (هذا، هذه، هاذان  هاتان، هؤلاء، أولئك): هذا، هذه: وتنطق النطق الشائع في المجتمع القطيفي، ولكنها تأخذ النطق في الذال حرف الدال فيقال هدا، هده. وكلا الحرفين أسناني غير أن (الذال) ما بين أسناني احتكاكي والدال سني انفجاري، وتستخدم (ذيه، تيه) في هذا وهذه.
هاذان، هاتان: لا نجد في اللهجة ما يدل على استخدام أسماء الإشارة للمثنى، واستعيض عنها بأسماء إشارة تدل على الجمع، فيقال: (هذول، هدول، هذوله، هدوله). ويتضح استخدام الدال الإنفجارية في (تاروت). وكذلك تستخدم كلمة (ادول) ذات الإستخدام السابق، وتختص بها بعض قرى القطيف، وكذلك (ذولا، وذولاك، هدولاك) للقريب والبعيد (وذوك، وذوكا) في أولئك وفي ذلك، وتستخدم (تيك) مكان (تلك).
هـ - استخدامات الأسماء الموصولة وطريقة نطقها (الذي، التي، اللذان، اللتان، اللواتي، اللاتي، الذين):
تستخدم المنطقة كلمة (اللي) بدلاً من (الذي) و (التي)، وقد تستخدم في بعض الأحيان للمثنى والجمع المؤنث والمذكر، وتستخدم الذين عن الجمع المذكر والمؤنث، وفي بعض الأحيان تستخدم (اللي) آنفة الذكر.
و- أدوات الاستفهام في اللهجة القطيفية (لماذا، كيف، من، هل، متى، أين):
وتنطق أدوات الاستفهام محرفة، فيستخدم أبناء القطيف كلمات مثل: ايش بمعنى (ماذا).. كقولهم: أيش تقول، أو أيش قلت. أما كلمة (ليش) فتحل محلّ: لماذا؟ كقولهم: ليش ضربت الولد؟ وليش سافرت؟. أما مفردة (ويش) فتعني: ماذا؟ كقولهم: ويش قلت؟ أي ماذا قلت؟ ويش صار؟ بمعنى ماذا حدث؟.
ويقال: هادامن، أو هدامن؟ أي: هذا من؟، كما ويقال (دامن، أو دامين) بإمالة بسيطة تشبه زيادة الياء في الوسط. وتستخدم (وين) بمعنى (أين) كقولهم: وين رحت؟ أي أين ذهبت؟، وهكذا.
ز- تحويل الحركات حروفاً:
ففي فعل الأمر (زد) يقال في اللهجة القطيفية (زيد)، وبدل (قل) يقال (قول)، وفي (نم) يقال (نام) وهكذا.

المصدر
واحة القطيف

4 التعليقات:

_خوش موضوع_ بارك الله فيك مجهود رائع

أهلاً وسهلاً وبالخدمة

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More